5 مارس 2024
في مواجهة تدهور الموقف العسكري الأوكراني والتقدم الكبير الذي أحرزته القوات الروسية، هددت قوى حلف شمال الأطلسي علناً بتصعيد هائل للحرب بما في ذلك النشر المباشر لقوات حلف شمال الأطلسي القتالية على الأراضي الأوكرانية وشن هجمات على البنية التحتية والمدن الروسية.
وبعد الانسحاب من أفدييفكا، بدأت القوات الأوكرانية تتراجع مرة أخرى. وفي خضم الخسائر البشرية الفادحة، لا تستطيع المؤسسة العسكرية الأوكرانية تجنيد بديل لها على الجبهة. وجاء في عنوان رئيسي لصحيفة نيويورك تايمز يوم الأحد 'زيلينسكي في مأزق بشأن كيفية تجنيد المزيد من القوات مع تقدم القوات الروسية'.
في الأسبوع الماضي، صرح أعضاء حكومات الدول الأعضاء الأربعة في الناتو - فرنسا وكندا وهولندا وليتوانيا - أنهم يفكرون في إرسال قوات قتالية لمحاربة روسيا في أوكرانيا. ثم نشرت وسائل إعلام روسية، الجمعة، نقاشاً مسرباً بين قادة عسكريين ألمان يناقشون استخدام الأسلحة الألمانية بعيدة المدى لضرب شبه جزيرة القرم. وفي خضم هذه التطورات، اعترفت حكومة المملكة المتحدة بنشر 'عدد صغير' من القوات في أوكرانيا.
ويجري تنفيذ التصعيد المتهور للحرب من دون أي تفسير علني لما يخطط له حلف شمال الأطلسي، ناهيك عن الاعتراف الصريح بالعواقب الكارثية المحتملة التي قد تترتب على نشر القوات في أوكرانيا والهجمات على روسيا.
ووفي تجاهل للتحذير الصريح الذي أطلقه بوتين خلال الأسبوع الماضي بأن التدخل المباشر من جانب قوات حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا قد يؤدي إلى استخدام الأسلحة النووية، فإن زعماء حلف شمال الأطلسي ووسائل الإعلام يسخرون من هذا الخطر بادعاءات مفادها أن الرئيس الروسي يخادع،
ولا يوجد أي مبرر لمثل هذا الرضا عن النفس. إن إدارة بايدن وحلفائها الأوروبيين منخرطون في لعبة الروليت الروسية النووية المتهورة بشكل مذهل.
ويبدو أن القادة الإمبرياليين قد نسوا تصريحاتهم السابقة، التي صدرت في بداية الحرب في فبراير 2022، بأن التدخل المباشر من قبل الناتو سيعني الحرب العالمية الثالثة، ويؤكدون الآن أن روسيا لن تنتقم حتى لو تعرضت أراضيها لهجوم مباشر. فضلاً عن ذلك، فحتى لو كان هناك احتمال لشن هجوم مضاد واسع النطاق، فإنهم يصرون على أن هذا الخطر لا ينبغي أن يردع حلف شمال الأطلسي.
والحجة التي تساق في وسائل الإعلام ومؤسسات الفكر والرأي هي أنه كان من الخطأ أن يشير حلف شمال الأطلسي إلى أي مخاوف بشأن تصاعد حرب أوكرانيا نحو تبادل ضربات نووية مع روسيا.
وكتب بيتر ديكنسون من المجلس الأطلسي، وهو مركز أبحاث مقره الولايات المتحدة: 'الرضوخ لابتزاز بوتين النووي سيجعل الحرب النووية أكثر احتمالا'. وأعلن أن 'أوكرانيا كشفت مرارا وتكرارا عن خدعة بوتين، وكشفت خواء التهديد النووي للديكتاتور الروسي'، مضيفا: 'ففي حين رفضت أوكرانيا أن تخيفها ابتزاز بوتين النووي، لا يمكن قول الشيء نفسه بالنسبة للغرب ... خوف الغرب التصعيد هو العائق الأكبر
وفي ألمانيا، كتبت صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونج أن تهديد روسيا باستخدام الأسلحة النووية 'لن يتحقق'. وتابعت: 'و حتى لو تم استخدام الصواريخ الأمريكية والبريطانية وصواريخ كروز لمهاجمة أهداف عسكرية في الأراضي الأوكرانية التي ضمتها روسيا، كما يحدث بانتظام بما في ذلك شبه جزيرة القرم'.
وأعلن معهد لوي، وهو مؤسسة بحثية مؤيدة لحلف شمال الأطلسي في أستراليا، أن 'السؤال الرئيسي هو ما إذا كان الغرب سوف يكشف عن خدعة بوتين أو يذعن لموقفه النووي عالي المخاطر، وهو القرار الذي سيشكل نتيجة الصراع'.
ومن خلال الادعاء العلني بأن بوتن يخادع فحسب، فإن حلف شمال الأطلسي يكاد يحرضه على الرد بقوة وكشف حساباته الخاطئة.
وحتى مع تأكيدهم بصوت عالٍ أن روسيا لن ترد، فقد استبعد الاستراتيجيون الأمريكيون والأوروبيون إمكانية التصعيد إلى حرب نووية. بدأت صحيفة نيويورك تايمز في نشر سلسلة من مقالات الرأي الاستثنائية يوم الأحد تحت عنوان 'على حافة الهاوية'، مع التركيز على 'تهديد الأسلحة النووية في عالم غير مستقر'.
بدأ الكاتب الرئيسي للمشروع، دبليو جي هينيجان، السلسلة بعمود بعنوان 'حافة الهاوية' والذي يبدأ بالقول:
إذا كان توقع العواقب المروعة التي قد يخلفها هجوم نووي مثيرا للانزعاج، ففكر في ما يلي: خططت حكومتا الولايات المتحدة وأوكرانيا لهذا السيناريو على مدى عامين على الأقل.
وكتب هينيجان أنه في خريف عام 2022، 'قدر تقييم المخابرات الأمريكية احتمالات أن تشن روسيا ضربة نووية لوقف القوات الأوكرانية إذا انتهكت دفاعها عن شبه جزيرة القرم بنسبة 50 إلى 50'. وأضاف هينيجان أنه في وقت سابق، 'وجهت إدارة بايدن مجموعة صغيرة من الخبراء والاستراتيجيين، 'فريق النمر'، لوضع 'كتاب قواعد اللعبة' النووي الجديد لخطط الطوارئ والاستجابات'.
وفي إعلانه عن الحملة الانتخابية الرئاسية لحزب المساواة الاشتراكية، صرح الرئيس الوطني لحزب المساواة الاشتراكية (الولايات المتحدة) ديفيد نورث:
وقد أعلنت قوى حلف شمال الأطلسي عدة مرات أن التهديد بتبادل ضربات نووية لن يردعها عن مواصلة الحرب. ويتم الآن تطبيع فكرة الاستخدام المتعمد للأسلحة النووية التكتيكية والاستراتيجية،الذي تم رفضه لعقود من الزمن باعتباره مرادفاً للجنون، باعتباره عنصراً مشروعاً في الاستراتيجية الجيوسياسية الإمبريالية.
لقد انتقلت الحرب إلى نطاق أوسع بكثير وأكثر دموية. ويتم كل هذا من وراء ظهر السكان، بالاعتماد على نقص المعلومات والتضليل. كذبت الدولة الألمانية بشكل صارخ، يوم الاثنين، قائلة إن الاستدعاء الطارئ للسفير الألماني لدى وزارة الخارجية الروسية لا علاقة له بالمناقشات المسربة حول الصواريخ الألمانية التي تستهدف شبه جزيرة القرم.
إن الطبقة الحاكمة تكذب على الجمهور لأنها تريد أن تكون حرة في تنفيذ مؤامراتها العسكرية دون عوائق. هناك بالفعل معارضة واسعة النطاق بين العمال والشباب لتصعيد الحرب. وبعد أن أثار ماكرون إمكانية إرسال قوات أوروبية لمحاربة روسيا في أوكرانيا، وجدت استطلاعات الرأي أن 68% من الشعب الفرنسي و80% من الشعب الألماني يعارضون ذلك. وبقدر ما تدرك جماهير الناس في الولايات المتحدة وجميع دول الناتو ما يحدث، فإن هذه المعارضة سوف تنمو.
يدين موقع الاشتراكية العالمية على شبكة الإنترنت مؤامرة الإمبريالية الأمريكية والناتو لجر البشرية إلى كارثة نووية. يجب انتزاع السلطة من أيدي دعاة الحرب هؤلاءلأن أفعالهم تهدد الحضارة الإنسانية بالدمار.
ويجب تنظيم احتجاجات حاشدة في كل دولة للمطالبة بالانسحاب الكامل لجميع قوات حلف شمال الأطلسي من أوكرانيا ووضع نهاية فورية للصراع. ويجب أن يكون هذا مرتبطا بتطور حركة مناهضة للإمبريالية داخل الطبقة العاملة العالمية، لمواجهة البربرية الرأسمالية ببرنامج الثورة الاشتراكية العالمية.