يوم الاثنين، أجرت ريبيكا مايلز، مديرة الأخبار في إذاعة WBAI Pacifica، مقابلة مع إيفان بليك، مراسل موقع 'الاشتراكية العالمية' في برنامجها 'أصوات في الخطوط الأمامية'. ركزت المحادثة على مقال بليك الأخير على موقع 'الاشتراكية العالمية' بعنوان 'الأهمية التاريخية لهجوم ترامب الفاشية على العلم'، واستكشفت الهجمات الشاملة التي شنتها إدارة ترامب على الصحة العامة والبحث العلمي والحقوق الديمقراطية في الولايات المتحدة.
بدأت مايلز بسؤال بليك عن توضيح الطابع الفاشي لإدارة ترامب ومقارنتها بأمثلة تاريخية للفاشية. رد بليك بتأسيس تحليله على التراث الماركسي والتروتسكي.
طرح أن الطبقة الحاكمة الأمريكية تواجه أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية عميقة، وأن 'قطاعات من الطبقة الحاكمة تتجه علناً نحو الفاشية وتسعى إلى إرساء ديكتاتورية في هذا البلد'.
ومع ذلك، أكد بليك على فرق رئيسي بين الوضع الحالي في الولايات المتحدة وصعود الفاشية في أوروبا في العقد الرابع من القرن الماضي: 'إن الطبقة العاملة الأمريكية والطبقة العاملة العالمية لا تدخلان هذا الوضع من موقع الهزائم التاريخية، بل من موقع تطرف متزايد وعزم على النضال'. واستشهد بالمظاهرات الحاشدة التي شارك فيها الملايين في جميع أنحاء الولايات المتحدة في 5 أبريل/نيسان كدليل على هذه المعارضة المتزايدة.
وانتقل مايلز إلى جوهر مقالته، وطلب من بليك توضيح وصفه لإدارة ترامب بأنها 'مخربة اجتماعية' وشرح كيف أن إلغاء البرامج العلمية وبرامج الصحة العامة يهدد بدفع الطبقة العاملة إلى ظروف أشبه بـ'العبودية'.
وصف بليك عمليات التسريح الجماعي التي حدثت في الأول من أبريل بأنها 'ثورة مضادة شاملة، تُدمّر جميع هيئات الصحة العامة الأساسية القائمة في الولايات المتحدة'. وأوضح أن أكثر من 10,000 عامل في مجال الصحة العامة الفيدرالية قد فُصلوا، وسُرِّح 10,000 آخرين، أي ما يعادل ربع إجمالي الوظائف تقريباً.
وأوضح بليك: 'لقد دمروا عملياً غالبية وظائفهم، بما في ذلك، والأهم من ذلك، المعهد الوطني للسلامة والصحة المهنية (NIOSH) - حيث فُصل أكثر من 80% من موظفيه'. وشدد على أن المعهد الوطني للسلامة والصحة المهنية مسؤول عن الحفاظ على سلامة مكان العمل، ومراقبة التعرض للمواد الكيميائية، واختبار معدات الوقاية، وكلها ضرورية لصحة العمال وسلامتهم.
كما سلط بليك الضوء على إلغاء وكالة الوقاية من الأمراض المزمنة التابعة لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، وقسم الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية، والمركز الوطني للوقاية من الإصابات ومكافحتها، من بين مؤسسات أخرى. وقال ً: 'إنهم يحاولون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وإعادة الطبقة العاملة إلى ظروف العبودية الصناعية التي سادت في بداية الثورة الصناعية، أو قبلها. إنهم يهدفون إلى تدمير جميع المكاسب الرئيسية التي تحققت من خلال الاكتشاف العلمي، والتي تعود إلى عصر التنوير'.
طلب مايلز من بليك استخلاص تداعيات الاستهانة بالانتشار المستمر لفيروس H5N1 المعروف باسم 'إنفلونزا الطيور'. وحذّر بليك من أن شخصيات مثل وزير الصحة روبرت إف. كينيدي الابن ورئيسة وزارة الزراعة الأمريكية بروك رولينز طرحا فكرة السماح لإنفلونزا الطيور 'بالتفشي في مزارع الدواجن'، وهي سياسة وصفها بأنها 'مجنونة في ظاهرها، و أدانها العلماء على نطاق واسع'.
وأوضح بليك أن مثل هذه السياسة 'ستمنح الفيروس ملايين الحواضن التي يمكن أن يتطور فيها'، مما يزيد من خطر حدوث طفرة قد تُمكّن من انتقاله بين البشر وتشعل فتيل جائحة جديدة.
ثم طلب مايلز من بليك التفكير في كيفية تحول الولايات المتحدة إلى مركز عالمي للبحث العلمي والابتكار بعد الحرب العالمية الثانية، وما هو على المحك في الهجوم الحالي على العلم. وأرجع بليك هذا التاريخ إلى 'هجرة الأدمغة' من العلماء الفارين من الفاشية في أوروبا، والتي جلبت شخصيات مثل ألبرت أينشتاين وإنريكو فيرمي إلى الولايات المتحدة. ووصف كيف أدى التآزر بين الحكومة الفيدرالية والأوساط الأكاديمية بعد الحرب إلى إنجازات بارزة مثل الإنتاج الضخم للبنسلين، واللقاحات ضد شلل الأطفال وفيروس الورم الحليمي البشري، وعلاجات فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز والسرطان، ومشروع الجينوم البشري، والثورة في تكنولوجيات الحوسبة.
ومع ذلك، حذّر بليك من أن الهجمات الحالية تُمثّل تحوّلاً جذرياً: 'ففي الأشهر الثلاثة الماضية فقط، في عهد ترامب وكينيدي، شهدنا بدايات هجرة جديدة للعقول. هناك استطلاع رأي نستشهد به في المقال، والذي وجد أن 75% من العلماء في الولايات المتحدة يُفكّرون في مغادرة البلاد لأن الظروف تتدهور بسرعة كبيرة'.
وتساءل مايلز أيضاً عن عواقب انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية وتقليص برامج الصحة الدولية. وشدّد بليك على أن لهذه الخطوات تداعيات عالمية: 'ما عادت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، والمعاهد الوطنية للصحة، وجميع هذه الوكالات، التي عُدت على مدى عقود من الزمن بمنزلة حاملة لواء الصحة العامة والعلوم، قادرة على التعاون مع منظمة الصحة العالمية'. وحذّر من أنه في حال ظهور جائحة جديدة، 'ستُترك دول العالم في جهل تام'.
كما سلّط بليك الضوء على تأثير إلغاء برنامج بيبفار، الذي ُقدّم علاج فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز لملايين الأشخاص في البلدان منخفضة الدخل: 'سيُحرم عشرات الملايين من الناس حول العالم الآن من الحصول على هذه العلاجات. حياة ملايين الناس الآن في خطر'.
واختتم بليك حديثه بربط الأزمة الحالية بتطبيع الحزبين للعدوى الجماعية خلال جائحة كوفيد-19، الذي تسارعت وتيرته في ظل إدارة بايدن، طارحاً أنه لا يمكن إسناد الدفاع عن العلم والصحة العامة إلى الحزب الديمقراطي.