تظاهر في يوم السبت 15 آذار/ مارس، آلاف الأشخاص في مدينة كولونيا الألمانية احتجاجاً على المجازر الأخيرة التي طالت أبناء الأقلية العلوية في سوريا.
وكانت عدة جمعيات علوية قد دعت إلى المظاهرة تحت شعار 'وقفوا إبادة العلويين في سوريا'. وُجّهت المظاهرة احتجاجاً على المجازر التي ارتكبتها مؤخراً ميليشيا هيئة تحرير الشام الإسلامية المدعومة من الغرب ضد العلويين.
بدأت أعمال العنف بعد أن رفض سكان قرية بيت عنة تسليم مشتبه به لقوات الأمن في 6 مارس. وسرعان ما انتشر القتال من هناك بين جنود سابقين في الجيش السوري موالين لبشار الأسد وقوات تابعة لحكومة هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني (سمه الحقيقي أحمد الشرع). رداً على ذلك، شنّت قوات هيئة تحرير الشام عملية واسعة النطاق.
وفي غضون يومين، قُتل ما لا يقل عن 745 مدنياً. وأعدم جنود الحكومة الجديدة رجالاً علويين خدموا في قوات الأمن التابعة لنظام الأسد. ونُهبت وأُحرقت عدة قرى علوية، وأُعدم سكانها رمياً بالرصاص.
افتتح حسين مات، رئيس المنظمة الجامعة للجالية العلوية في ألمانيا (AABF)، المظاهرة متهما ًالمجتمع الدولي والجهات الفاعلة الإقليمية بتجاهل المذبحة الجماعية التي طالت الطائفة العلوية على الساحل السوري بين اللاذقية وطرطوس.
وتناول أحد الملصقات تواطؤ الحكومة الألمانية، حيث ظهر فيه مؤسس هيئة تحرير الشام، الرئيس السوري الانتقالي، الشرع، مع وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك، من حزب الخضر. بعد سقوط بشار الأسد، وعدت الحكومة الألمانية نظام هيئة تحرير الشام بمشاريع مساعدات تزيد قيمتها عن 60 مليون يورو. ويوم الاثنين، وخلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، تعهدت بيربوك بتقديم مساعدات إضافية بقيمة 300 مليون يورو. وطالب الملصق في المظاهرة بـ'القبض الفوري على مؤسس داعش السوري بعبارة لا أريد تمويل الإرهاب بضرائبي'.
خلال المظاهرة، صرّح سليمان سرحان نارلي، من اتحاد العلويين العرب في أوروبا (AAAF): 'منذ بداية المجازر الأخيرة، قُتل أكثر من 7000 مدني على ساحل البحر الأبيض المتوسط السوري لمجرد معتقداتهم، وفقاً لمعلوماتنا'. ودعا إلى إنشاء ممر إنساني من هاتاي جنوب تركيا إلى اللاذقية لإجلاء السكان العلويين عند الضرورة وإيصال المساعدات. وطالب قائلاً: 'يجب وقف الإبادة الممنهجة للعلويين في المنطقة'.
حمل العديد من المشاركين لافتاتهم الخاصة التي حملت صور أفراد عائلاتهم وأصدقائهم الذين قُتلوا على يد ميليشيا هيئة تحرير الشام. من بينهم لارا وآدم، طبيبان في مستشفى قدما إلى ألمانيا قبل بضع سنوات. حملا عدة لافتات وعبّرا عن يأسهما لفقدانهما العديد من الأصدقاء والمعارف. إنهما يخشيان على عائلاتهما وأصدقائهما في سوريا.
قالت لارا: 'نحن من اللاذقية. لم يرتكبوا هذه المجازر في اللاذقية فحسب، بل في طرطوس أيضاً. الضحايا مدنيون، نساءً ورجالًا، نعرفهم، درسنا معهم'. وأشارت إلى صورة على لافتتها. 'هذه شقيقة زميل لنا. وهو بدوره طبيب. درسنا وعملنا معاً. وهذه والدته ووالده'. دخل الإرهابيون منزل العائلة و'قتلوا والدته وشقيقته. نجا والده لأنه كان يعمل في المستشفى آنذاك. لم يكن قتالاً. دخلوا منزل المدنيين وأطلقوا النار عليهم جميعاً'.
أشارت بانفعال إلى صورة أخرى. 'وهذا صيدلي.' أضاف آدم: 'إنه صيدلي وهو بدوره زميلنا. قتلوه أولًا، ثم في اليوم التالي قتلوا زوجته الحامل. قتلوهم بدم بارد. لقد قتلوا القرية بأكملها.' أشارت على الفور إلى صورة أخرى. 'هنا أيضا. قتلى. إنهم أناس أبرياء، مدنيون، عزل، أطباء.' أضافت لارا، مشيرةً إلى صورة شاب، 'وهذا طفل.' قال آدم إن الصبي لا علاقة له بنظام الأسد.
وتابع 'هذه العائلة،' 'أقارب صديق لنا.' إنه طبيب في سوريا، وروى آدم كيف قُتل أقاربه. قال: 'وهناك آلاف من هذه التقارير.'
'ها هو صديقنا،' قال بانفعال. اسمه إبراهيم، وهو جراح حوادث. هذان صيدليان، زوج وزوجة. لم يكن لهما أي علاقة بالحرب، ولم يقاتلا قط. كانا سعيدين برحيل الأسد، وظنّا أن السلام حل أخيراً. لكنهما قُتلا.
ثم روى مأساة أخرى. أشار إلى صورة فتاة صغيرة. 'كانت هناك مجموعات اقتادت الرجال والفتيان من شققهم وأطلقت النار عليهم'. أخذ والد الفتاة ابنه وهرب، معتقداً أن هذا هو الحل تاركاً زوجته وابنته الصغيرة خلفه. 'ظن أنهم لن يقتلوا زوجته وابنته أبداً. لكنهم فعلوا ذلك أيضاً. مات كلاهما. كانت الفتاة الصغيرة في الثالثة أو الرابعة من عمرها'.
كان من المهم أن تتطرق لارا إلى التقارير الإعلامية في ألمانيا: 'تشير التقارير الإعلامية إلى أن هذا مجرد قتال بين مؤيدي الأسد والجيش والحكومة الجديدة. نعم، كان هناك قتال، ونتيجة لذلك، سقط ضحايا من كلا الجانبين. لكن عن ماذا نتحدث الآن؟ عن مدنيين'. لا علاقة لهم بالقتال. 'لا أحد يقول إن آلاف المدنيين أُعدموا بدم بارد'. استمرت المجازر ثلاثة أيام.
قالت لارا: 'رأينا ذلك هنا في ألمانيا على إنستغرام، فيديو للجهاديين وهم يتجمعون ويقولون: 'نحن قادمون إلى قريتكم وسنقتلكم جميعاً'. ظننا أن الأمر لا يعدون أن يكون تهديد لنشر الرعب. لكن لا، لقد هاجموا القرى، واحدة تلو الأخرى، وقتلوا سكانها. طالبنا الناس على مواقع التواصل الاجتماعي بفعل شيء. لوقف هذا! لكن لم يكن بوسعنا فعل شيء.
قال آدم: 'نحن نجلس هنا في ألمانيا، ونشاهد ما يجري بعجز'. وتابعت لارا: 'لم ينتهِ الأمر بعد. سرقوا هواتف القتلى. واتصلوا بكل رقم هاتفي محفوظ قائلين: 'نعرف اسمك، ونعرف مكان سكنك، وأنت التالي'. أما الناجون، الذين ما زالوا على قيد الحياة، فيسيطر عليهم الخوف، ولا نستطيع فعل شيء من هنا. لهذا السبب نحن هنا، لنُظهر للناس ما يحدث ونُخبرهم به. هذا كل ما في وسعنا'